بدأت أنشطة الرصد والرقابة التي مارسها الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة في الانتشار داخل حدود الدولة لما قبل عام 1967 كما بدأت تهدد الديمقراطية المتزعزعة للحكم الإسرائيلي.

وبالنسبة للإسرائيليين اليساريين الذين يفضلون تسوية إقليمية من شأنها إنهاء الضم الحالي للضفة الغربية، فإن ذلك التسرب يُعد دليل على صدق حجتهم بأن احتلال شعب آخر يفسد القيم الإسرائيلية، لكن أتباع الجناح اليميني المتحالفين مع المؤسسة الأمنية والمستوطنين الأيديولوجيين هم من يحدد مسار العمل في إسرائيل اليوم وهم لا يهتمون بالحريات المدنية عندما يتعلق الأمر بعنصر الأمن.

وقد أثارت صحيفة كالكاليست موجة غضب في الشهر الماضي بكشفها عن استخدام الشرطة لبرامج تجسس قالت إنها جاءت من شركة “أن إس أو” المثيرة للجدل لمراقبة الهواتف المحمولة للمواطنين الذين لا يشكلون أي تهديد أمني، وشمل ذلك الأفراد المرتبطين باحتجاجات العام الماضي الذين طالبوا بنيامين نتنياهو بالاستقالة بسبب بعض فضائح الفساد.

وانتشرت أخبار الفضيحة يوم الإثنين بصورة كبيرة بعد أن ذكرت كالكاليست أن الشرطة استخدمت على نطاق واسع برنامج تجسس بيغاسوس من ” إن إس أو” للتجسس على مسؤولين منتخبين وشخصيات بارزة في الاقتصاد وأولئك الذين يعملون في مكاتب حكومية وأشخاص مقربين من رئيس الوزراء السابق نتنياهو، وطالب بعض الوزراء بتشكيل لجنة تحقيق رسمية.

وليس من الواضح، حتى مع ذلك الاحتجاج، ما إذا كان برنامج المراقبة سيتوقف عن العمل بالكامل أو أنه سيتحول ببساطة إلى برنامج جديد.

والرهان الذي يقف وراء فضيحة الشرطة هو مدى رغبة الإسرائيليين في العيش في دولة ذات سمات ديمقراطية تسيطر على قوات الأمن أو الحياة في دولة تمارس فيها قوات الأمن وحلفاؤها من المستوطنين السلطة الحقيقية، وطالما أن إسرائيل تدير ما هو في الأساس دكتاتورية عسكرية في الضفة الغربية لا تخضع للمحاسبة من قبل معظم الجمهور (مع بعض الاستثناءات الملحوظة) والواقعة على بعد 20 دقيقة بالمركبة من البرلمان والكنيست، فمن المحتمل أن يؤثر ذلك على القيم والممارسات والأعراف.

وفي الواقع، فإن مفوض الشرطة الذي بدأ التجسس على المواطنين، بحسب كلكاليست، هو روني الشيخ، الذي كان النائب السابق لرئيس جهاز الأمن الداخلي الشاباك وهو من قام بالمراقبة والتجسس على الضفة الغربية.

ووفقًا لتقارير وسائل الإعلام، لم تحصل الشرطة على موافقة قضائية للتجسس على بعض الشخصيات أو استحصلت على تلك الموافقات بأثر رجعي وبطريقة تخفي من خلالها استخدامها لبرامج التجسس.

وذكرت كالكاليست أن إساءة استخدام برامج التجسس كانت واسعة النطاق وحدثت على مدى عدة سنوات وأن الشيخ تجسس على ” إس أي جي أي إن تي” استخبارات الإشارات، ووحدة استخبارات الشرطة، مع قدامى المحاربين في وحدة استخبارات الجيش 8200، التي تتجسس على الفلسطينيين في الضفة الغربية فضلاً عن جبهات أخرى.

وفي إحدى الحالات المستنكرة التي تحدث عنها موقع كالكاليست تتعلق بناشط مناهض لنتنياهو والذي تم تعقب هاتفه من قبل الشرطة، وجدت الشرطة أن الرجل المتزوج يستخدم تطبيق مواعدة للرجال المثليين، وبحسب الصحيفة، قرأت الشرطة محادثاته وأخبرت الضباط بأماكن وأوقات مواعيده حتى يتمكنوا من مراقبتها بهدف ابتزازه.

وأعادت التقارير بعض الذكريات المؤلمة لجندي سابق وافق هذا الأسبوع على اطلاعي على بعض تجاربه في مراقبة فلسطينيي الضفة الغربية للوحدة رقم 8200، وهي الوحدة التي تماثل وكالة الأمن القومي الأمريكية.

وطلب الجندي السابق عدم نشر اسمه خوفًا من التداعيات الاجتماعية.، حيث أصبح عام 2014 جزءًا من مجموعة من المحاربين القدامى في الوحدة 8200 الذين رفضوا القيام بخدمة الاحتياط لمراقبة الفلسطينيين.

حيث قال إن ابتزاز الشرطة لرجل مثلي الجنس داخل إسرائيل هو بالضبط ما فعلته وحدته بفلسطيني الضفة الغربية لابتزازهم ليصبحوا متعاونين أو لانتزاع معلومات عن المشتبه بهم الذين تربطهم علاقة قرابة معهم أو بأي طريقة أخرى.

وقال “خلال تدريبنا الأساسي في اللغة العربية، تعلمنا العديد من الكلمات العربية حول مجتمع المثليين ومزدوجي الميل الجنسي والمتحولين جنسيا أو ما يسمى اختصارا بـ”مجتمع الميم”، فإذا استخدمت تلك الكلمات أُثناء جمعنا للمعلومات نعرف ما تعنيه. وقال إنه يمكن استخدامها للابتزاز بمعنى “إذا لم تفعل ما نريد، فسوف نكشف عنك”.

وقال الجندي السابق: “طُلب منا في فرقة 8200 جمع معلومات عن أشخاص أبرياء، ولكن يمكن استخدامهم كوسيلة ضغط، وكنا نجمع معلومات استخبارية عن أشخاص لم يرتكبوا أي خطأ، وكل ذنبهم هو أنهم كانوا أقارب أو جيران لشخص تشك إسرائيل في أمره”.

واقترح، أنه من الواضح أن البعض يجلب معه “نفس الأساليب والعقلية” بعد أن ينهوا خدمتهم في الوحدة وينضمون إلى الشرطة أو الشاباك، وبهذه الطريقة يعود الاحتلال إلى إسرائيل.

ويحدث هذا التسريب من الضفة الغربية أيضًا عندما يواصل بعض الخريجين من وحدة 8200 ووحدات استخبارات أخرى لعب أدوار مهمة في التكنولوجيا الإسرائيلية العالية، بما في ذلك مجموعة إن إس أو.

ويبدو أن هناك علاقة بين عقلية المحتل تجاه الفلسطينيين وعدم الحساسية تجاه حقوق الإنسان على مستوى العالم.

وفي غضون ذلك، تكثف قوات الدفاع الإسرائيلية مراقبتها في الضفة الغربية مستعينة بتكنولوجيا جديدة، وذلك وفقًا لأفراد أكملوا خدمتهم العسكرية مؤخرًا وأدلوا بشهاداتهم لمجموعة مناهضة للاحتلال مكونة من المحاربين القدامى في جيش الدفاع الإسرائيلي والمعروفة باسم كسر جدار الصمت.

مرة أخرى، يحصل كل هذا على بعد مسافة قصيرة بالسيارة من مبنى الكنيست.

وقد يكون إنهاء الاحتلال هو السبيل الوحيد لإعطاء الفلسطينيين المستقبل المشرق الذي يستحقونه، ويساعد إسرائيل على فك طلاسم شبكة الأمن والمراقبة المتشابكة والمعقدة والتي تُعرضها لكثير من الأخطار.

  

بن لينفيلد هو مراسل شؤون الشرق الأوسط السابق في جيروزاليم بوست.

SUBSCRIBE TO OUR NEWSLETTER

Get our newest articles instantly!

Thank you! Your coupon code will be sent to your email once your details are verified.

Unlock Your 50% Discount!

Choose your status: