بينما تزداد حرارة الكوكب تزداد حدة النقاشات الساخنة حول ما يجب علينا القيام به مقابل ما نحن على استعداد للقيام به وذلك مع اقترابنا من مؤتمر قمة المناخ “كوب 28”. ويسلط التقرير الأخير للفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ الضوء على مدى خطورة أزمة المناخ والحاجة إلى حلول حقيقية، واصحبت هذه المهمة أكثر صعوبة في عالم يتسم بالانقسامات الجيوسياسية والاقتصادية.

 

وأحد التحديات الرئيسية التي تواجه قمة المناخ في دبي هو سد فجوة التطبيق بين الاتفاقات المتفاوض عليها والعمل في العالم الحقيقي. وقد حددت المؤتمرات السابقة أهدافا طموحة، ولكن ترجمة تلك الأهداف إلى سياسات وإجراءات ملموسة على أرض الواقع لم تكن كافية. ويجب أن تعزز قمة المناخ الآليات التي تضمن التنفيذ الفعال للالتزامات. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي تزويد البلدان، وخاصة تلك الواقعة في جنوب الكرة الأرضية ، بالدعم المالي والتقني الكافي لتمكينها من تنفيذ خططها المناخية بفعالية.

 

وتزداد مهمة التصدي لتغير المناخ تعقيدا بسبب الانقسامات الجيوسياسية والاقتصادية، وعليه يعد التعاون على الصعيد العالمي أمر حيوي، ويجب على البلدان أن تدرك الطبيعة المترابطة لأزمة المناخ، لأن آثار تغير المناخ لا تحترم الحدود بين الدول.

 

ويجب أن تكون خطط المناخ الوطنية، المعروفة باسم المساهمات المحددة وطنيا (أن دي سي)، متسقة مع الأهداف العالمية التي حددها اتفاق باريس. ولكن إجراءات العديد من البلدان لا ترقى إلى مستوى ما تلتزم به. لذلك، دعا قادة (مجموعة الدول الصناعية السبع) مؤخرا الأطراف إلى رفع سقف الطموح وتعزيز مساهماتهم المحددة وطنيا قبل قمة المناخ في دبي.

 

والجهود الوطنية وحدها لا تكفي لمعالجة هذه الأزمة، حيث يلعب القطاع الخاص دورا حاسما في دفع العمل المناخي، وتحتاج قمة المناخ في دبي إلى تشجيع زيادة مشاركة القطاع الخاص والاستثمار في الحلول المستدامة. ومن خلال حشد الموارد والخبرات والابتكار في القطاع الخاص ، يمكن لقمة المناخ فتح فرص كبيرة للتغيير التحويلي.

 

وغالبا ما تتأثر المجتمعات المهمشة والشعوب الأصلية والنساء والشباب بشكل غير متناسب بتغير المناخ، ويجب أن تكون وجهات نظرهم وشواغلهم محورية في مناقشاتنا وعمليات صنع القرار. إن تحقيق العدالة المناخية يعني الاعتراف بالمسؤوليات التاريخية وضمان أن يكون العمل المناخي شاملا وعادلا ويحترم حقوق جميع البشر.

 

ومن الضروري الاعتراف بأهمية الحلول القائمة على الطبيعة في كفاحنا ضد تغير المناخ، حيث توفر إعادة الأشجار والغابات واستعادة النظم الإيكولوجية والإدارة المستدامة للأراضي إمكانات كبيرة للتخفيف والتكيف على حد سواء.

 

وأخيرا ، يجب أن ندرك أن تغير المناخ ليس مجرد قضية بيئية ولكنه يتقاطع مع عوامل اجتماعية واقتصادية وبيئية مختلفة، حيث تزداد حدة الفقر وعدم المساواة بين الجنسين وفقدان التنوع البيولوجي والتحديات المترابطة الأخرى بسبب تغير المناخ.

 

وبينما يستعد العالم لمؤتمر قمة المناخ في دبي والتي سيتم عقدها في وقت لاحق من هذا العام، تتحمل دولة الإمارات العربية المتحدة مسؤولية كبيرة كدولة مضيفة للمساعدة في ضمان سد فجوة التطبيق في ما يخص التغيرات المناخية. وعلى الرغم من أن هذا التحدي هائل، إلا أن دولة الإمارات العربية المتحدة، بأهدافها المناخية الطموحة، وعلاقاتها الدبلوماسية، وخبرتها في تنفيذ مبادرات الاستدامة، يمكن أن تحدث تأثيرا كبيرا. إن استثمارات الدولة البارزة في مصادر الطاقة المتنوعة، بخلاف النفط والغاز، تجسد الالتزام بالحلول المستدامة. ويتيح موقعها الجغرافي الاستراتيجي وعلاقاتها الاستثنائية مع البلدان الأفريقية والآسيوية فرصة فريدة لتعزيز حوار شامل حقا يتجاوز التحيزات الإقليمية.

 

وتعرض سلطان الجابر، وهو من سيقود محادثات المناخ، مؤخرا لانتقادات من قبل أولئك الذين يجادلون بأن دوره كرئيس تنفيذي لشركة بترول أبو ظبي الوطنية (أدنوك) يمثل تضاربا في المصالح مع منصبه في قمة المناخ. لكن الحقيقة هي أن المعرفة العميقة بقطاع الطاقة هي مؤهل حيوي لأي شخص يقود المفاوضات حول كيفية انتقال العالم من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة.

 

وبصفتي كفرد عمل مع الجابر لبعض الوقت، من الواضح لدي أنه يتمتع بالصفات والخبرة اللازمة لقيادة مفاوضات تغير المناخ العالمي. وفي الواقع، وقبل توليه منصبه في أدنوك، شغل الجابر بالفعل منصب رئيس مجلس إدارة شركة مصدر، وهي شركة للطاقة والتنمية المستدامة، تأسست قبل وقت طويل من تبني الآخرين لمصادر الطاقة المتجددة.

 

ويمكنه التعامل مع مختلف أصحاب المصلحة، بما في ذلك صناعات الوقود الأحفور، لإيجاد أرضية مشتركة ودفع حلول مستدامة. كما يتمتع بسجل حافل في قيادة مبادرات الاستدامة، حيث دافع عن مشاريع الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة. وبصفته المبعوث الخاص لدولة الإمارات العربية المتحدة للتغير المناخي، شارك معالي جابر مع الشركاء الدوليين ومثل دولة الإمارات العربية المتحدة في مناقشات المناخ العالمية.

 

وفي حين أنه قد لا يكون رجل من رجال الدبلوماسية بالمعنى التقليدي، ولكن نظرا لطبيعة العمل المناخي العالمي، فمن المؤكد أننا بحاجة إلى شخص يمكنه سد الفجوات، وجلب ثقافة الابتكار إلى قمة المناخ التي تعرضت لانتقادات طويلة لعدم تحديد أهداف طموحة وتنفيذ تدابير فعالة لمعالجة حجم أزمة المناخ.

 

وقد صرح الجابر بوضوح “نحن بحاجة إلى مطابقة ما تم الاتفاق عليه في النص المتفاوض عليه مع عمل ملموس في العالم الحقيقي”. وهذا يعكس الفهم بأنه في حين أن عملية مفاوضات مؤتمر الأطراف حاسمة، فمن الضروري أيضا ترجمة الالتزامات المتفق عليها على أرض الواقع.

 

تتطلب التحديات التي يفرضها تغير المناخ عملا جماعيا وحوارا شاملا وتنفيذا فعالا للالتزامات، ومن خلال سد الفجوة بين الاتفاقات المتفاوض عليها والعمل في العالم الحقيقي، ومواءمة السياسات على مختلف مستويات الحوكمة، وإشراك القطاع الخاص، وتعزيز بيئة شاملة، يمكننا دفع التغيير التحويلي.

 

تلعب دولة الإمارات العربية المتحدة، من خلال التزامها بالاستدامة وخبرتها في مجال الطاقة المتجددة، دورا مهما كدولة مضيفة. إن خبرة الجابر وتفانيه في مجال الاستدامة يجعلانه الشخص المناسب في مفاوضات تغير المناخ،  ومن خلال لم صفوف مختلف أصحاب المصلحة وترجمة الالتزامات إلى إجراءات ملموسة، يمكننا العمل من أجل مستقبل مستدام لكوكبنا والأجيال القادمة، لقد حان الوقت لتحويل الكلمات إلى تغيير فعلي والتعامل مع تحد أزمة المناخ يدا بيد.

 

نيكولاي ملادينوف هو المدير العام لأكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية في أبو ظبي وزميل زائر في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى. وهو وكيل الأمين العام السابق للأمم المتحدة ووزير خارجية بلغاريا

تويتر @nmladenov

SUBSCRIBE TO OUR NEWSLETTER

Get our newest articles instantly!

Thank you! Your coupon code will be sent to your email once your details are verified.

Unlock Your 50% Discount!

Choose your status: