حدثت جريمة قتل في الحي الذي أسكن فيه في دبي في وقت سابق من هذا العام. تعرضت الضحية ، وهي امرأة في العشرينات من عمرها، تعرضت للتعنيف الجنسي ثم ألقيت من نافذة من الطابق الخامس. عندما تحدث رجال الشرطة مع جيرانها، هذا ما سمعوه: عاشت وحدها. كانت ترتديالتنانير القصيرة؛ لم تكن ودودة كانت تستقبل رجالاً في منزلها. لربما كانت عاهرة أو، على الأقل، فاسدة الأخلاق. وهكذا كان الإجماع : كانت نفسها السبب في مقتلها. هنا وفي كل مكان، نسارع في إلقاء اللوم على ضحايا الاعتداء الجنسي للجريمة نفسها التي ارتكبت بحقهم.

لكن الأمر يزداد سوءًا. في استطلاع أجريته كجزء من أطروحتي الجامعية، وجدت أن النساء هم أشد من ينتقدن النساء الأخريات. إذا وجدت امرأة نفسها منفردة مع رجل ووتم الاعتداء عليها أو التحرش بها أو عدم احترامها بطريقة أو بأخرى، فإن بعض النساء هم الأسرع في إلقاء اللوم على غيرهن ممن النساء.

إذا أردنا التقدم، فيجدر علينا الانتهاء من نمط التفكير هذا.

ولهذا السبب، شعرت بالامتنان الشديد عندما مُنحت جائزة نوبل للسلام لهذا العام لنادية مراد ودنيس موكويغي لجهودهما لإنهاء استخدام العنف الجنسي كسلاح للحرب والصراع المسلح“. وقد تابعت عن كثب عمل كل منهما بعد أن شاهدت خيمة مزدحمة في لبنان مكتظة باللاجئات السوريات تم اغتصابهن ثم التخلي عنهن فيما أطلق البعض على الخيمة إسمخيمة العار“.في الحرب كما في السلم، هناك أشياء كثيرة يجب أن تتغير.

يساعدالطبيب موكويغي ضحايا العنف الجنسي في جمهورية الكونغو الديمقراطية. لكن قصة مراد هي التي قد تكون أكثر صلة باستعدادية المجتمع الشرق الأوسطي لإلقاء اللوم على الضحايا. تنتمي مراد إلى الأقلية اليزيدية في شمال العراق وكانت شاهدة وضحية لجرائم الحرب التي ارتكبها الدواعش. ولربما يمكننا تسليط الضوء عليها من المباشرة في تغيير البعض من أسوأ التحيزات لدينا.

انتشرت قصة مراد وهي تعتقد أن هذا هو أفضل سلاح ضد الإرهاب“. بالنسبة لها ، بدأ الأمر كله في عام ٢٠١٤، عندما شن تنظيم داعش هجوماً وحشياً ومنهجياً على قرى منطقة سنجار بالعراق بهدف إبادة الأيزيديين. في قرية مراد، قتل المئات وتم أسر النساء الشابات لاستعبادهن جنسياً. اغتصبت مراد وكانت في الـ١٩ من عمرها، مراراً وتكراراً. كما تم تهديدها بالإعدام ما لم تعتنق تعاليم داعش في الاسلام ودام الكابوس ثلاثة أشهر من عذاب لا يمكن تصوره، ثم تمكنت من الفرار.

بعد عامين، تم تعيينها كأول سفيرة للنوايا الحسنة للأمم المتحدة من أجل كرامة الناجين من الاتجار بالبشر. وأجرت مقابلات مع النساء الأيزيدية وغيرهن ممن تعرضن للإعتداء الجنسي ، أو الأسوأ من ذلك، الاعتداء المتكرر عليهن كعبيد جنس. ما يقدر بـ ٣٠٠٠ من الفتيات والنساء الأيزيدية كانوا ضحايا للاغتصاب وغيره من الاعتداءات من قبل داعش. جميع النساء(حتى بعض الأطفال والرجال) لديهم نفس المخاوف: أن يتم التعرف عليهم، ومن رد فعل عنيف قبل المعتدين عليهم، وأسرهم ومجتمعاتهم.

لقد أظهرت مراد شجاعة فريدة من نوعها في الحديث عن الفظائع التي عانت منها على أمل ألا يضطر الآخرون إلى المرور بنفس المحنة. بالنسبة لشجاعتها، نحن مدينون لها وجميع النساء الأخريات اللواتي عانين مثلها، وكرامة الاعتقاد بقصصهن، وليس من أجل التحكيم المسبق، والتفاني لإنهاء الطريقة المؤسفة التي تعامل بها النساء في جميع أنحاء العالم.

أما هذا العام فكان ثوريًا بالنسبة للضحايا الذين تحدثوا ضد الاعتداء والعنف الجنسيين، من حركات #metoo و#timesup إلى حالات بارزة مثل قضية كرستين بلايسي فورت، التي شهدت في مجلس الشيوخ الأمريكي ضد المرشح للمحكمة العليا آنذاك بريت كافانو فضلاً عن الذكرى العاشرة لقرار مجلس الأمن الدولي رقم ١٨٢٠ وينص هذا القرار على أن استخدام العنف الجنسي كسلاح للحرب والنزاع المسلح يشكل جريمة حرب وتهديدًا للسلم والأمن الدوليين. ولربّما يمكننا أن نأمل في التغيير.

نشر البيان التالي على الموقع الإلكتروني لجائزة نوبل للسلام : “لا يمكن تحقيق عالم أكثر سلماً إلا إذا تم الاعتراف بالحقوق والأمن وحقوق الإنسان الأساسية في الحرب“. ولا يمكن لأي شخص في كامل قواه العقلية أن يختلف مع هذا البيان . بل السؤال هو كيف نصل إلى تحقيقه. ما الطريقة السليمة؟ أساسًا و برأيي يكمن الجواب في عدم التشكيك في النساء اللواتي لديهن الشجاعة للكشف عن الألم والاعتداء على أجسادهن وأنفسهن .

ما من شواذ في حرية الرأي باختيار الحياة التي ترغب في عيشها ،لا يهم ما تختار المرأة ارتداءه أو عدم ارتدائه، أو أين تذهب أو كيف تتصرف. بل يكمن الخطأ ولطالما تمثل في الجريمة المرتكبة ضدها. في الحرب كما في السلم، في مخيم للاجئين أو في مدينة حديثة، فلنتوقف من إلقاء اللوم على المرأة.

ريم تينا غزال صحافية حائزة على جوائز ولديها أكثر من ١٥ سنة من الخبرة. في عام ٢٠٠٣، وهي من أول المراسلات العربيات اللواتي غطّين الحرب في الشرق الأوسط.

AFP PHOTO/FREDERICK FLORIN

SUBSCRIBE TO OUR NEWSLETTER

Get our newest articles instantly!

Thank you! Your coupon code will be sent to your email once your details are verified.

Unlock Your 50% Discount!

Choose your status: