كان أشهر مقولة من فيلم “توب قن”، وهو فيلم حول طائرة مقاتلة، تم عرضه في عام 1986 والذي أكسب توم كروز شهرة عالمية، هو “أشعر بالحاجة، بالحاجة إلى السرعة.” والآن، وبعد مضي 36 عامًا من تقديم شخصيات الفلم مثل مافريك وايسمان وجوز إلى العالم، حلق فلم جديد قائم على الحنين إلى الماضي إلى مهرجان كان السينمائي ثم إلى شاشاتنا السينمائية.

ويشعر البعض بسعادة غامرة لأنهم يستطيعون من خلال مشاهدة الفلم زيارة الماضي، حيث كانت الإثارة عالية كما كانت لعودة شخصية “هان سولو” إلى فلم “حرب النجوم”، وبالنسبة للآخرين، يعد ذلك مثال آخر يعكس صورة هوليوود الخالية من الأفكار الجديدة والتي تلجئ إلى الأفكار التي تم تجربتها واختبارها لتحقيق بعض الربح السريع.

وقد لا يستسيغ البعض عودة “توب قن” لأن الفيلم الأصلي كان هو الفيلم الجوهري في سنوات الرئيس الأمريكي “ريغان”، وكان الفلم مترعا بالتفاخر الذكوري والنزعة الوطنية المتطرفة أثناء حقبة الحرب الباردة، وكان بيت القصيد من ذلك الفيلم هو أن العمل تحت مظلة الجيش الأمريكي لم يكن ممتعًا فحسب، بل كان خيارًا رائعًا لنمط الحياة، وكانت قد ولت أيام فيتنام.

وفي الفلم الأصلي، كان توم كروز شابًا وسيمًا يافعاً ذهب إلى إحدى مدارس النخبة لطياري الطائرات المقاتلة وأقام علاقة غرامية مع مدربته بينما كان يخوض منافسة مفتولة العضلات مع زملائه حول من يكون الأسرع والأكثر جرأة، لقد كان مع زملائه من صفوة الطيارين، والأفضل على الأطلاق، وجزءًا من آلة عسكرية أمريكية أفضل بكثير من أي شيء آخر شهده العالم، وخاصة مقارنة بالاتحاد السوفيتي، ولم يكن الفيلم بحاجة حتى إلى تسمية الاتحاد السوفييتي بالعدو، فكان من الواضح أن أساس القصة هو أن تلك التكنولوجيا الأمريكية تتغلب على المعرفة الروسية، وكان الفلم يُحاكي قصة فلم “روكي 4″ ولكن في مجال الطائرات.

واستطاع الفيلم بمهارة نقل روح الوطنية المتشددة الأمريكية لدرجة أن البحرية أقامت كابينات في دور السينما بهدف تجنيد مرتادي السينما عند خروجهم من الفيلم، وقد نجحت تلك الفكرة، حيث ارتفع معدل التوظيف بشكل كبير، وبعد فترة وجيزة من صدور فلم ” توب قن” كان الجميع سعداء. وكان مستوى النجاح في شباك التذاكر جنوني، ثم انتهت الحرب الباردة، وكانت أمريكا هي المنتصرة بعد أن مرت هوليوود بفترة ازدهار، لقد كانت الأجواء حافلة بالبهجة لدرجة أني ذهبت بنفسي لشراء مجسمين لطيارين أثنين.

وتميط تلك السلسة من الأفلام اللثام عن السياسة العالمية الحالية لهوليود وما يجري في دهاليزها، فمن الواضح أن العدو الخفي للفيلم هذه المرة هو إيران، وهو أمر مثير للقلق بعض الشيء، خاصة بالنسبة للجماهير في الشرق الأوسط الذين شاهدوا بكل آسى كيف تعاملت هوليود مع شخصيات من المنطقة والعالم الإسلامي ككل على مدى العقود الماضية.

ونشاهد في فيلم ” توب قن: مافريك” عودة توم كروز ” الذي لا يبدو أنه يشيخ” إلى أكاديمية الطيران لتعليم الخريجين كيفية قيادة الطائرات النفاثة لمهاجمة موقع لتخصيب اليورانيوم، ولست بحاجة إلى لسماع بعض اللكنات الأمريكية في الفيلم التي تجعل اليورانيوم يبدو وكأنه إيراني لتعلم أن تلك هي حبكة سينمائية مستوحاة من علاقة أمريكا المضطربة مع طهران.

ويواجه طيارو فلم “توب قن: مافريك” عدوًا لا نعرف الكثير عنه، وبينما تشير التفاصيل إلى أن ذلك العدو هو إيران، فإن حقيقة أننا لا نرى أبدًا لون وجه العدو وأن الوادي الذي يتعين عليهم مهاجمته يمكن أن يكون مكاناً ريفياً في أي مكان في العالم، يعني ذك أنه يمكن أن يكون في أي مكان.

ويا له من قرار من طرف صانعي الأفلام، فلم يكن بإمكانهم توقع الجائحة التي أخرت إصدار الفيلم لمدة عامين تقريبًا، ولكن يأتي الفيلم الآن في وقت عاد فيه كل التركيز في أمريكا على العدو الروسي.

ولم يرتبط قرار عدم وضع صورة نمطية خرقاء لعدو ذو ملامح شرق أوسطية في فيلم آخر من أفلام هوليود، بتغيرات الجغرافيا السياسية بقدر ما ارتبط بالطبيعة المتغيرة لأعمال هوليوود. فعندما ظهر فيلم “توب قن”، كان شباك التذاكر في أمريكا الشمالية هو الأكبر في العالم، وكانت الأفلام تجني بانتظام في دور السينما الأمريكية أموالًا أكثر مما تفعل في بقية العالم، لكن تغير ذلك في العقد الماضي، وفجأة أصبح شباك التذاكر في الشرق الأوسط وآسيا مهمًا بطرق لم تكن كذلك في الثمانينيات.

والآن يجب أن تكون أستوديوهات الأفلام على دراية بشباك التذاكر في البلدان حول العالم، تمامًا كما تدرك منصات البث الجديدة أهمية عدم الإساءة إلى المشتركين المحتملين، وفي الوقت نفسه، سلطت حركات “أنا أيضا (هاشتاج)” – وحركات حياة السود مهمة” الضوء على المعاملة السيئة للأقليات والنساء على الشاشة. وبالإضافة إلى رفض تشويه سمعة الناس، فهناك اختلاف كبير في أفلام “توب قن” وهو كيف تغيرت ديناميكية العلاقة بين كروز واهتماماته، فقد استفاد توم كروز من عولمة صناعة الأفلام أكثر من أي نجم سينمائي آخر، وكانت أفلامه “المهمة المستحيلة” بارعة بشكل خاص في استخدام مواقع مثل برج خليفة بنفس الطريقة التي استخدمت فيها هوليوود مبنى إمباير ستيت.

ولحسن الحظ، يجب أن تكون الأفلام الرائجة أقل عنصرية وأقل كراهية للنساء وأقل كبحاً في ظل الوطنية المتشددة الأمريكية حتى تنجح عالميًا.

ما يميز “توب قن” هو كيف يوازن الفلم بين كل تلك الجوانب السياسية بينما يظل وفياً لروح اللعبة الأصلية ويخلق مشاهد طيران رائعة، وعلى الرغم من أن الفكرة قد لا تكون جديدة أو أن الفيلم رائع بشكل خاص، فإن فيلم ” توب قن” هو أول فيلم ضخم في العصر الحديث، عصر “أنا أيضا (هاشتاج)” وحياة السود مهمة ولهذا، سيكون الكثير من الناس ممتنين.

 

كليم أفتاب هو ناقد سينمائي ومؤلف سيرة “سبايك لي: هذه قصتي وأنا متمسك بها” ومدير البرمجة الدولية لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي.

SUBSCRIBE TO OUR NEWSLETTER

Get our newest articles instantly!

Thank you! Your coupon code will be sent to your email once your details are verified.

Unlock Your 50% Discount!

Choose your status: