بما أن أكثر من نصف الناخبين القادرين على ممارسة حقهم الانتخابي في تركيا يتألفون من جيل الألفية وأولئك الذين ينتمون إلى الجيل “زد” الأصغر سنا، فقد تعتقد المعارضة أن لديها فرصة للإطاحة بالرئيس رجب طيب أردوغان بعد مضي 20 عاما على كرسي السلطة.

 

ولكن في حين أن 51 في المائة من الناخبين البالغ عددهم 64 مليون ناخب هم من فئة الشباب، لكن 20 مليون ناخب ولدوا بعد عام 1981 ، بما في ذلك 13 مليون من الجيل “زيرس” وستة ملايين شخص يحق لهم التصويت لأول مرة، إلا أنهم غير واثقين وفق الاستبيانات الخاصة بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 14 مايو.

 

ويعتبر جيل حديقة جيزي في تركيا، مجموعة غير سياسية وغير مبالية بالسياسة سئمت من الحديث عن السياسة وليس لديها إيمان يذكر بأنها تعيش في ديمقراطية حقيقية.

 

وفي مثل هذه الانتخابات الحاسمة، يبدو أن الشباب يفتقرون إلى صوت يعبر عنهم، ولم يتم تضمينهم في البرنامج السياسي لأي مرشح، بما في ذلك برنامج أردوغان البالغ من العمر 69 عاما أو منافسه الرئيسي كمال قليجدار أوغلو البالغ من العمر (74 عاما).

 

ويبدو أن قليجدار أوغلو يمكن أن يستفيد من الشعور بحالة عدم الرضا الذي يعيشه الجيل الصاعد، حيث يعتقد ثمانية من أصل 10 من الجيل “زد” أنه من الصعب أن تعيش في تركيا كشاب أكثر من أي بلد في الاتحاد الأوروبي، وكشف تقرير لشركة البحث التركية “كوندا” في شهر أكتوبر أن أربعة من كل خمسة أتراك والذي تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاما قالوا إنهم لا ينتمون إلى أي حزب سياسي. وعلاوة على ذلك، صنف 90 في المئة عمل الديمقراطية في تركيا بخمسة من عشرة، وقال 62 في المائة إن البلاد تدار بشكل سيء.

 

لم يعيش هؤلاء الشباب الأتراك أبدا في زمن لم يكن فيه حزب العدالة والتنمية الحاكم وزعيمه أردوغان في السلطة.

 

ولم تكن تلك الفترة هي أيام الصبا والطيش في حياة الشباب، حيث قال أربعة وخمسون بالمائة ممن تتراوح أعمارهم بين 17 و30 عاما في استطلاع حديث إنهم بحاجة إلى مساعدة نفسية، وفي الوقت نفسه، قال 71 في المئة إنهم غير قادرين على تخيل مستقبل مختلف.

 

في ظل حكم حزب العدالة والتنمية الذي دام لفترة عقدين من الزمن، أصبحت حياة الشباب أسوأ، وعلى الرغم من أن كبار السن في تركيا يجادلون بخلاف ذلك، ويصفون الجيل الشاب بالجحود ، إلا أن الأرقام تتحدث عن حقيقة مختلفة.

 

فالفرص شحيحة بالنسبة للشباب في ظل تدهور الاقتصاد التركي، وتظهر الأبحاث أن 69 في المائة من الأتراك الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 29 عاما يعتمدون ماليا على أسرهم.

 

وفي الوقت نفسه، يبلغ معدل البطالة 21 في المائة بين الشباب الذي تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاما، في حين تشير تقديرات أخرى إلى أن الرقم قد يصل إلى 33 في المائة. ومقارنة مع الدول الأوروبية، فإن تركيا لديها خامس أعلى معدل بطالة بين الشباب في المنطقة.

 

ولا يقوم انخفاض معدلات التوظيف على نقص التعليم العالي، حيث تظهر بيانات معهد الإحصاء التركي (تي يو أي كي) لعام 2019 أن عدد خريجي الجامعات العاطلين عن العمل في تركيا قد زاد عشرة أضعاف في السنوات الـ 15 الماضية، وواحد من كل أربعة عاطلين عن العمل هو خريج جامعي.

 

وقد أدى كل ذلك إلى هجرة هائلة للأدمغة تحت إدارة حزب العدالة والتنمية، ووفقا لمعهد الإحصاء التركي (تي يو أي كي) فقد غادر أكثر من 250,000 مواطن تتراوح أعمارهم بين 20 و 29 عاما البلاد بين عامي 2019 و 2021 ، وأولئك الذين بقوا يريدون المغادرة.

 

وجدت الأبحاث التي أجرتها “كوندرد ادنور ستفين”، في عام 2021 أن 72 بالمائة ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عاما سيعيشون في بلد آخر إذا أتيحت لهم الفرصة. ومن يستطيع أن يلومهم على ذلك؟ ففي العامين الماضيين، ارتفع معدل التضخم السنوي بأكثر من 100 في المئة، وانخفض قيمة العملة التركية بمستويات قياسية، وأودى زلزال مدمر بحياة الآلاف. وكل تلك العوامل خفضت بشكل كبير مستويات معيشة الشباب في تركيا، فلا عجب أن 82 في المئة يعتقدون أنهم أسوأ حالا مما كانوا عليه في عام 2021.

 

وحقيقة أن المعارضة لم تفعل الكثير لجذب الناخبين الشباب وسط هذه الاضطرابات هي أمر محير، حيث قال أكثر من 80 في المئة من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاما إنهم لا يعتقدون أن أي حزب سياسي قادر على حل مشاكلهم، وذلك وفقا لتقرير صدر في شهر أكتوبر عن منظمة “سومدر” غير الحكومية.

 

وأرسلت حملة حزب الشعب الجمهوري بزعامة قليجدار أوغلو بعض الرسائل للشباب من بينها التعهد بعدم فرض ضرائب على مشتريات الهواتف المحمولة والسيارات وأجهزة ألعاب الفيديو، ولكن لا يبدو ذلك كافيا للوفاء بالوعد حول مستقبل أفضل لجيل الشباب. وعلى الرغم من ذلك، سيشعر  قليجدار أوغلو بالسعادة الغامرة تجاه الدعم الذي تلقاه على الرسالة المصورة إلى الشباب والتي ناقش فيها هويته العلوية، حيث تلقت التغريدة نفسها أكثر من 110 مليون مشاهدة.

 

لكن النهج العام الذي يتجاهل الناخبين الشباب يسلط الضوء على مشكلة غير معلنة داخل تركيا وهي: إقصاء الشباب من طاولة الحوار حول حاضر البلاد ومستقبلها، ويعكس التوزيع العمري للبرلمان الحالي التمييز لصالح كبار السن، ومن بين 600 عضو في البرلمان، هناك 319 نائبا تبلغ أعمارهم 40 عاما فما فوق، في حين أن ثمانية فقط تقل أعمارهم عن 30 عاما.

 

وتعتبر تركيا، التي يبلغ متوسط أعمارها 31 عاما، دولة شابة نسبيا، ولكن مثل معظم البلدان يحكمها من هم أكبر سنا بعقود، وستمثل الانتخابات المقبلة صداما بين الأجيال، لكن لا يقاتل أي من الحزبين من أجل حقوق الشباب. هذا هو السبب في أنه من المنصف القول أن جيل الألفية وجيل زد التركي هم اجيال مغدور بها.

 

لم يفقد هؤلاء الشباب كل أمل في المستقبل فحسب، بل يعيشون مع فكرة أن مستقبلهم قد سرق، وعلى الرغم من أن الناخبين الشباب لديهم القدرة على التأثير على الانتخابات، إلا أنهم تعرضوا للتخويف وأجبروا على الصمت وسلبوا الرغبة في المشاركة في رسم ملامح مستقبلهم.

 

 

 

ألكسندرا دي كرامر صحفية مقيمة في اسطنبول، وكتبت عن الربيع العربي من بيروت كمراسلة لصحيفة ميليت في الشرق الأوسط. تتراوح أعمالها من الشؤون الحالية إلى الثقافة ، وقد ظهرت في منكول و كارير ماقازين و مايسنفراسنسز وأخبار الفن في اسطنبول.

تويتر: @aedecramer

 

 

SUBSCRIBE TO OUR NEWSLETTER

Get our newest articles instantly!

Thank you! Your coupon code will be sent to your email once your details are verified.

Unlock Your 50% Discount!

Choose your status: