أعلنت إمارة الشارقة في دولة الإمارات العربية المتحدة، خلال الحفل الأخير الذي أقيم في لندن، عن تشكيل أحدث لجان التصميم المعماري التابعة لها وذلك لتصميم حديقة نباتية جديدة على مساحة 600 ألف متر مربع وهي مساحة تُعادِل “70” ملعب كرة قدم، وتقع تلك الحديقة على حدود إمارة الشارقة مع إمارة دبي، ويتولى تصميم المشروع شركة “جريمشاو”، وهي شركة للهندسة المعمارية والمسؤولة عن مشروع “عدن” في مقاطعة “كورنوال” في إنجلترا، وهو مشروع لتحويل الحجارة غير المستخدمة إلى بيئة يمكن التحكم في درجة حرارتها لإنشاء غابة استوائية، ومشروع حديقة عمان النباتية والتي يُتوقع بعد الانتهاء منها أن تكون الحديقة النباتية الأكبر في شبه الجزيرة العربية.

هناك طموحات كبيرة تدفع إمارة الشارقة لتحقيق هذا المشروع، حيث أن الإمارة قد أعلنت أن الهدف من إقامة المشروع هو أغراض تعليمية وترفيهية، ولكن إذا كانت الحديقة أكبر من مجرد مصدر آخر من مصادر الجذب السياحي، فهناك حاجة إلى تجاوز تلك التوقعات وأن تكون نموذجًا للاستدامة في منطقة تواجه تحديين يتمثلان في ارتفاع درجة الحرارة والجفاف، وفي سبيل تحقيق تلك التوقعات، يجب أن تتغيّر السلوكيات تجاه تلك الحديقة، ليس فقط فيما يتعلّق باستهلاك المياه، بل أيضًا فيما يخُص الدور الذي تساهم به النباتات المحلية في المنطقة تجاه البنية التحتية الحضرية في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية.

وفي الوقت الذي أعلنت فيه إمارة الشارقة عن تشكيل لجنتها المعمارية، هناك بيانات تتحدث عن أنه من المقرر أن تكون الحديقة النباتية هجينًا من السلالات النباتية السالفة الموجودة في مقاطعة “كورنوال” ودولة “عُمان” ويعود الفضل في ذلك إلى الوعد الذي قطعته الحديقة النباتية بأن تعرض نباتات نادرة من جميع أنحاء العالم بالإضافة إلى أجناس النباتات المحلية في إمارة الشارقة،وتمتلك الإمارة سجلاً حافلاً بالإنجازات بخصوص دعمها للتراث النباتي في دولة الإمارات العربية المتحدة والمحافظة عليه، ففي فبراير؛ افتتحت الإمارة بنك الحبوب الجديد، ومنشأة لأبحاث زراعة الأعشاب والبساتين، وبنظرة أشمل على المستوى العام والتجاري، نجد أن الاهتمامبالنباتات المحلية في دولة الإمارات العربية المتحدة مازال يحظى بعناية نسبة قليلة من الأشخاص، وبالفعل ربما يكون الأمر نفسه في منطقة الشرق الأوسط الأكبر مساحة.

وبعيدًا عن الحب الشديد الذي تحظى به أشجار النخيل واستخدامها واسع النطاق وقدرتها على البقاء لفترة طويلة بعض الشيء بدون ماء، وكونها شجيرات مفيدة، مازالت النباتات المحلية في شبه الجزيرة العربية محور اهتمام مجموعة من أبرز الباحثين الذين يتألفون من مجموعة مختلطة ويجمعها الاهتمام من الأكاديميين والاستشاريين والمهتمين بالأمر من القطاع الخاص، وحتى أواخر العام 2008، كان الاهتمام بزراعة النباتات المحلية لأغراض تجارية، على سبيل المثال، داخل دولة الإمارات العربية المتحدة اهتمامًا قليلاً أو معدومًا، ومن غير المعلوم الغرض من استخدام تلك النباتات وهو ما جعل الوضع محيرًا في تلك الدولة التي تعتمد وبشدة على تحلية المياه في الوقت الذي تمثل فيه مياه الري “7%” من إجمالي الماء المستهلك، غير أنه وبفضل إقرار تشريعات بيئية، مثل برنامج “استدامة”الرائد والذي أطلقته إمارة أبوظبي للمحافظة على الماء؛ بدأت النباتات المحلية في النمو داخل الزراعات التجريبية العملية في أنحاء إمارة أبوظبي، ومنها تلك الزراعات التي نفذتها دائرة مراكز البلدية في مدينة العين.

ورغم ذلك، تظل تلك النماذج لدى دولة الإمارات العربية المتحدة مجرد استثناءات وليست قاعدة، وهو موقف يتسم بالقسوة من جميع الأوجه وخاصة أن دولة الإمارات العربية المتحدة بصدد إطلاق معرض “اكسبو 2020 دبي” الدولي.

ولأنه أول حدث من نوعه يتم استضافته في دولة صحراوية، يتم الترويج لمعرض “اكسبو 2020” على أنه فرصة لإمارة دبي لتعتلي مركز القيادة في مجال الاستدامة وأن تكون مختبرًا تجريبيًا في مجال الأبنية الحضرية المستدامة.

ويمكن استخلاص الفكرة التي تقوم عليها تلك النماذج من التقرير الصادر مؤخرًا عن شركة “أروب الدولية للاستشارات الهندسية” تحت عنوان “المدن الحية: إعادة النظر في المدن داخل البيئات القاحلة”، ومن المصادفة أيضًا أن شركة “أروب” شاركت في مشروعات “عدن” و”الحديقة النباتية في عمان” و”الخطة الرئيسية لمعرض “اكسبو 2020”.

وبالإضافة إلى المنافع المحتملة من المدن الذكية وإدارتها، والأبنية الموفرة للطاقة ووسائل النقل العام المطورة، يلقي التقرير الضوء على الدور متعدد الجوانب الذي يمكن للنباتات والمناظر الطبيعية أن تقدمه على الصعيد الحضري حتى تكون المدن الصحراوية أكثر استدامة ومرونة وملائمة للحياة.

وبدلاً من اعتبار النباتات مخلوقات غريبة أو وسيلة لتجميل المناطق الحضرية، يقترح التقرير أنه يمكن اعتبار تلك النباتات أنظمة طبيعية لديها القدرة على المساهمة في توفير بيئات حضرية باردة وصحية وأكثر إنتاجية، إن التوسُع في استخدام النباتات التي تتكيف تلقائيًا مع الظروف الجوية من شأنه أن يحد من ظاهرة التصحر بالإضافة إلى تنقية الهواء الجوي من الشوائب والتلوث والحد من تأثيرات الجزر الحرارية الحضرية وهي ظاهرة ترتفع فيها درجات حرارة المدن ارتفاعًا غير مناسبًا بسبب المساحات الشاسعة من الأراضي ذات الأسطح التي لا تسمح بنفاذ المياه وغير عاكسة لأشعة الشمس وبالتالي فإنها تمتص الحرارة وتطلقها من جديد.

وتطرّق تقرير شركة “أروب” إلى حالات من المدن القاحلة المنتشرة في أنحاء العالم – في أستراليا وتشيلي والصين والولايات المتحدة الأمريكية – والتي تجمع بين الابتكارات التكنولوجية والأنظمة الطبيعية الملائمة محليًا وبيئيًا، وهناك العديد منها بالفعل في المنطقة.

في وادي حنيفة الواقع جنوب مدينة الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية، هناك، على سبيل المثال، فإن المحافظة على الوادي وإنشاء السدود والبحيرات التي تُسقى منها المزروعات، كل هذا وصفه التقرير بالبيئة الصافية الخضراء، إن الهدف من الاهتمام بهذا الوادي وأراضيه الرطبة هو المساعدة في تنقية المياه التي يُعاد تدويرها من المنشآت المحلية لمعالجة الصرف الصحي، بالإضافة إلى أنه أصبحت مقصدًا شعبيًا للترفيه والتسلية في منطقة قلّما تجد بها مكانًا مفتوحًا للعامة.

AFP PHOTO/RABIH MOGHRABI

SUBSCRIBE TO OUR NEWSLETTER

Get our newest articles instantly!

Thank you! Your coupon code will be sent to your email once your details are verified.

Unlock Your 50% Discount!

Choose your status: