إليك قائمة مثيرة للإعجاب: مريم الجيليالأسطرلابي، عالمة الفلك ومخترعة الأسطرلاب في القرن العاشر في سوريا. هدى شعراوي (1879-1947)، الناشطة المصرية في مجال حقوق النساء. الفلسطينية كريمة عبود (1893-1940) إحدى أولى المصورات من النساء في العالم العربي، والتي دمغت جميع أعمالها بكلمة “السيدة المصورة” بالعربية والإنجليزية. سميرة موسى (1917-1952) الفيزيائية اللامعة التي لُقّبت ب”أم الطاقة الذرية”، وكانت أول سيدة تعطي محاضرات في جامعة القاهرة.
وبعد ذلك هناك السيدة الحرة (1485-1561) والتي يعني إسمها “السيدة النبيلة الحرة والمستقلة”، عائشة بنت علي بن رشيد العلمي، وحاكمة مدينة تطوان المغربية، وكانت أيضًا – وهو مايشعرني بالسعادة – ملكة القراصنة.
وتلك فقط هي بعض الاسماء القليلة ضمن العديد من النساء العربيات اللاتي يجب أن تكون أسمائهن معروفة لكل سيدة – ورجل – في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكل منهن لعبت دورًا من أجل تمهيد الطريق لجميع النساء العربيات اليوم، والكثير من الرائدات النساء على مر العصور قاموا بالنضال من أجل حقوق النساء والمساواة، وفي سبيل ذلك خاطروا بسمعتهن وأرزاقهن وحياتهن، واليوم فإن قصص تلك النساء نادرًا ما تُروى، حتى ولو كان ذلك عبر شبكة الإنترنت.
وبإلقاء نظرة سريعة على مجموعة من النساء الناجحات على مستوى العالم العربي؛ فقد بدى لنا العديد من الجوانب الإيجابية كما ظهرت أيضا لنا العديد من المظاهر المحزنة، وحينما سألت عمن سمع عن أية سيدة في تلك القائمة؛ أشار شخص واحد إلى أنه يعرف اثنتين فقط منها، وقد كان هذا هو صلب الموضوع: نحن النساء اليوم ربما ندرك قيمة حقوقنا والفرص التي أمامنا والمميزات التي نتمتع بها، لكننا لا نعلم كيف نحول ذلك إلى حقيقة ملموسة، وكيف نستند على أكتاف العمالقة الذين لا نعرف حتى أسمائهم.
ومن المخترعين وحتى الرياضيين والمحاربين والكُتّاب إلى العشرات من الحكام والملكات؛ بعض الأسماء منهن ظلت معروفة لأنها ظهرت على العملات المعدنية، أو لأن الرجال كانوا على استعداد لتضمينهم في القصائد والقصص التي قاموا بتأليفها، وأخريات ظلوا في الوجدان بسبب ظهورهم على الصور الفوتوغرافية، مثل الأميرة فاطمة الزامل التي حكمت إقليم حائل السعودي من 1911 إلى 1914، والتي انتخبها الكبار على مستوى أكبر قبيلتين في وسط الجزيرة العربية، وقد كانت حاكمة مطلقة بيدها كل السلطات، واستقبلت ضيوفًا منهم الكاتبة والسياسية البريطانية، التي طغت شهرتها وإنجازاتها بسبب اتحادها مع توماس إدوارد لورنس (لورنس العرب).
وهناك القليل من الكتب هنا وهناك وبعض المقالات التي سلطت الضوء على الإسهامات الكبرى للنساء العربيات على مر العصور، لكن هذا ليس كافيًا، ودور النساء التاريخي يحتاج أن يتم تدريسه في المدارس وفي المنزل على حد سواء، وفي ذات الوقت نحن نحتاج لأن نقوم بتسجيل وتوثيق جميع النساء الجديدات اللاتي قمن بتذليل العقبات وصناعة التاريخ اليوم.
وفي التاسع من يونيو؛ أصبحت ياسمين الميمني (29 عامًا) أول ضابط من السيدات في المملكة العربية السعودية، تقوم بقيادة طائرة خلال رحلة تجارية، حيث قادت الرحلة ATR72من حائل إلى القصيم، وقبلها كانت هناك رولا حطيط من لبنان، التي قامت بأولى رحلاتها من في العام 2010 بيروت إلى عمان (وكان على متن الطائرة الشخص الذي اصبح رئيس وزراء فيما بعد، وهو تمام سلام)، وخلال مقطع فيديو شوهد على نطاق واسع؛ شرحت حطيط كيف أن بعض المسافرين أصروا على النزول من الطائرة حين سماع صوتها وهي ترحب بهم، لكن بحلول العام الحالي؛ باتت شركة طيران الشرق الأوسط وهي الناقل الرسمي على مستوى لبنان تضم 6 نساء يعملن في وظيفة طيار.
وفي العام 2014؛ قامت الرائد مريم المنصوري؛ 35 عامًا؛ أول طيار مقاتل على مستوى الإمارات العربية المتحدة، بقيادة القوة الجوية الإماراتية لاستهداف مواقع لتنظيم داعش في سوريا، كجزء من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، وقد باتت من أشهر الفتيات على مستوى المنطقة بالكامل، وقامت بكسر الصورة النمطية للمرأة العربية، كما أنها ألهمت النساء والرجال بشجاعتها وتفانيها خلال الخدمة في القوات المسلحة.
ولم تكن فقط النساء العربيات من هذا الجزء من الشرق الأوسط هن من قمن بصناعة التاريخ، فهناك أول سيدة تعمل طيارًا مقاتلًا على مستوى العالم (كما هو مدون في موسوعة جينيس للأرقام القياسية)، وتُدعى صبيحة كوكجن (1913-2001)، وهي تركية-أرمينية تعمل طيارًا، وواحدة من ثمانية أبناء بالتبني لمصطفى كمال أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة، وفي العام 1937 شاركت كوكجن في العملية العسكرية التي استهدفت انتفاضة الأكراد في مدينة درسيم، ولاحقًا أصبحت كبير المعلمين في جمعية الطيران التركية، وقامت بتدريب 4 نساء على الطيران، وفي العام 1996 كانت السيدة الوحيدة التي تظهر على ملصق تابع للقوات الجوية الأمريكية؛ والذي يتناول “أعظم 20 طيارًا على مر التاريخ”، وقد تم إطلاق اسمها على أحد المطارات الدولية بمدينة اسطنبول، لكن كم عدد هؤلاء الذين يعرفون القصة التي تقف خلف تلك التسمية؟.
وهذا النوع من التمييز الجنسي بات قاصرًا اليوم على منطقة الشرق الأوسط فقط، وتقول التقديرات أن 11% – 12% من القصص الموجودة في كتب التاريخ الأمريكية تتناول النساء، وقد أدى هذا إلى طبع سلسلة من الكتب- خاصة تلك التي تستهدف الأطفال – حول النساء المنسيات في التاريخ الأمريكي، ووصل الأمر إلى إنشاء تطبيق “دروس في قصتها”، الذي يعتمد على الحقائق من أجل إعادة القصص المنسية الخاصة بتلك النساء البطلات إلى الحياة مجددًا.
وقد استمرت الأبحاث لإثبات مبدأ أنه وراء العديد من الرجال العظماء كانت هناك امرأة، إن لم تكن هناك العديد من النساء، واللاتي لم تُذكر أسمائهن على الإطلاق، وهناك كلارا شومان عازفة البيانو الشهيرة، والتي تم استيعاب أعمالها داخل أعمال زوجها الملحن روبرت شومان بعد زواجها منه، وعلى الرغم من أنها عملت بالقرب من زوجها؛ إلا أن موسيقاها لم تحصل على الشهرة الذي تستحقه إلا بعد مرور 100 عام على وفاتها.
وهناك مرسيدس-بنز أحد اشهر الماركات في عالم صناعة السيارات، يعود الأصل في تسميتها إلى امرأتين، والواقع أن أول رحلة طويلة بالسيارة على مستوى العالم قامت بها بيرثا بنز زوجة وشريكة رائد صناعة السيارات الألماني كارل بنز، وقد قامت باختبار السيارة التي قام باختراعها لمسافة 105 كم في أغسطس من العام 1888، حيث قامت باكتشاف وإيجاد الحلول للعديد من المشكلات الهندسية، ومنذ العام 1901 تمت تسمية شركة دايملر باسم مرسيدس جيلينيك، وهي ابنة أحد الرواد النمساويين في صناعة السيارات، وحينما تم دمج شركتي دايملر وبنز في العام 1926 تم الاتفاق على تسمية السيارة الجديدة التي قاموا بإنتاجها مرسيدس-بنز.
وعلى مستوى العالم، باتت الكتب الجديدة تضم النساء على صفحاتها، التي لم تكن تتحدث في السابق إلا عن إنجازات الرجال.
ويقول المثل العربي القديم: “الرجال هم الصوف الخاص بالقبائل، لكن النساء هن من يقمن بحياكة هذا الصوف”، والوقت وحده هو من استطاع اظهار حقيقة أن الكثير مما نملكه اليوم، وربما ما لا نملكه أيضًا، يعود إلى الصوف الذي قامت النساء بحياكته.
ريم تينا غزال صحفية فازت بالعديد من الجوائز، وفي العام 2003 باتت إحدى أولى النساء العربيات اللاتي يقمن بتغطية مناطق الحروب في الشرق الأوسط.
يمكن لك تنزيل صورة عالية الدقةللمؤلف عبر موقعنا
